الرئيسية / أخبار دولية / “عاشوراء المغربية ”  شعيرة منظمة و ممارسة سلوكية

“عاشوراء المغربية ”  شعيرة منظمة و ممارسة سلوكية

فدوى بوهو– ورزازات/ المغرب

 

في التقويم العبري يعتبر العاشر من شهر تشري( أول الشهور من السنة المدنية لدى اليهود)من أعظم الايام يطلق عليه اسم ‘عاشور” و اسم “يوم كبور” و يعتبر يوم الكفارة لأن اليهود يصومونه راجين بصومهم هذا أن يكفر الله عنهم ما اقترفوه من آثام في أثناء العام المنصرم، وهذا مذكور في اسفار توراتهم حيث فقرات مختلفة جاء فيها أمر اليهود بتعظيم هذا اليوم وصيامه وعدم مزاولة الأعمال فيه (” سفر اللاويين فقرة 29 وتوابعها من إصحاح 16″ وفقرة 27 وتوابعها من إصحاح 23 ، وسفر العدد فقرة 7 من إصحاح 29 .. ) وفي مواضع أخرى كثيرة ” ويزعم اليهود أنه لم يفرض عليهم من الصيام إلا صيام هذا اليوم وأما الأيام الأخرى التي يصومونها فيعتقدون أن صيامهم فيها نافلة.

في التقويم الهجري يعود عاشوراء لليوم العاشر من شهر محرم لهذا فهو يسمى بهذا الاسم عند المسلمين فأهل السنة يرون ان صوم هذا اليوم يعود الاصل فيه الى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى يهود المدينة يصومونه كونه يوما صالحا حيث أن الله عز وجل نجا موسى والمؤمنين من فرعون فقال عليه السلام قفَال:َ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُم.ْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ”، اما عند الشيعة فهذا اليوم يصادف حدثا وفاجعة عظمى، في يوم الجمعة من 10 المحرم سنة 61 من الهجرة قتل الحسين بن علي بن ابي طالب حفيد النبي محمد في معركة كربلاء و كل أل بيته لذلك يعتبره الشيعة يوم عزاء وحزن تقام فيه شعائر مرتبطة بالندب و اللطم طيلة 12 يوما .

يرجع تاريخ دخول اليهود الى منطقة المغرب الأقصى في القرن 6 قبل الميلاد، ويرجح عدد من الدراسات أن قدومهم إلى شمال أفريقيا جاء في أعقاب خراب الهيكل الأول في عام 586 ق.م، وتوالت بعد ذلك الهجرات، بينما تذهب دراسات اخرى الى أن سقوط الاندلس عمل على تعزيز الهجرات السكانية اليهودية في المغرب إبان عمليات النفي والترحيل والطرد لليهود والمسلمين من الأندلس في 1492 والبرتغال في 1497. ويوجد نحو 36 معبدا يهوديا في المغرب وعددا هاما من الأضرحة والمزارات اليهودية في مختلف المناطق المغربية. خلال كل هذه الحقب عاش المجتمع اليهودي منفتحا على المجتمع الامازيغي فنتج انصهارا في ما يخص الجانب المعاشي الحرفي – الصناعي – الزراعي- التجاري وغيره بل تعداه الى الثقافي فقد تبنى اليهود المغاربة اللغة الامازيغية وتقاسموا معهم فنية الطبخ و الزي والحلي …..، عاش اليهود في اختلاط دائم مع سكان البلاد في كل حياتهم اليومية. بل كانوا يعيشون في ظل وجود نظام للجوار أو الحماية من طرف القبائل الأمازيغية. فبعد دخول الإسلام للمغرب عام 710 للميلاد ووعي اليهود بهذه السيطرة، دخلوا في حماية الحكام الأمازيغ المسلمين منذ أوائل القرن الثاني الهجري. يهود المغرب اكتسبوا الكثير من عادات المسلمين و العكس كذلك وقع مع مسلمين المغرب.

 كيفما كانت الاحداث ففي المغرب عاشوراء تختلف عن نظيرتها في بقية البلدان العربية والإسلامية، إذ ترتبط بالعادات وبالخصوصية المحلية التي عرفت مزجا بين الطقس اليهودي و الاسلامي في هذا اليوم ،في المغرب يطلق على “عاشوراء ” اسم أخر وهو “يوم زمزم” وإذا كانت التسمية تحيل على الإسلام، فإن الطقوس الاحتفالية تعود إلى الديانة اليهودية التي عرفها المغرب قرونا طويلة قبل مجيء الإسلام، احتفالية كان يتمسك بها اليهود المغاربة حيث أنهم يعتقدون أن الماء كان سببا لنجاة النبي موسى عليه السلام في هذا اليوم من بطش فرعون وجنوده، كما يؤكد ذلك القصص القرآني، وهو الأمر الذي استوعبه الإسلام وجعله جزء منه، بالتنصيص على صوم يوم عاشوراء، ابتهاجا بإنقاذ الله لنبيه موسى، مع زيادة صوم يوم التاسع من شهر محرم، لمخالفة اليهود والتميز ،كما يعتقدون بأن الماء في هذا اليوم يتحول إلى رمز للنماء والخير والحياة، مما يجعلهم حسب ما راج في بعض الكتابات، التي تناولت تاريخ اليهود المغاربة، يحتفون بالماء، ويتراشق به أطفالهم طيلة اليوم، في حين يرش به الكبار أموالهم وممتلكاتهم، أملا في أن يبارك الله لهم فيها. و اليوم بالمغرب يبقى هذا الطقس والذي يحمل اسم “يوم زمزم” نسبة الى زمزم بمكة المكرمة هو يوم التبارك بالماء وله من القدسية ما يميزه ، حيث يلجأ المغاربة قبل طلوع الشمس ، إلى رش كل ممتلكاتهم بالماء البارد و تطور الامر الى احتفالية في الشوارع و الازقة خصوصا بالأحياء الشعبية حيث لعبة الرش بالماء ‘الرشان” وهو نفس المعتقد اليهودي :الماء رمز النماء  و الحياة .

و كيفما كان ففي السرد التاريخي  ارتبطت عاشوراء  بأحداث كلها صادفت ان وقعت في العاشر من شهر محرم وهذا قبل الاسلام ككسوة الكعبة التي كانت تتم في نفس التاريخ ، ونفس اليوم فيه احداثا متعلقة بأنبياء و رسل الله حيث في نفس اليوم   تاب الله فيه على آدم ونجى الله فيه نوحا وأنزله من السفينة، وفيه أنقذ الله نبيه إبراهيم من نمرود، وفيه رد الله يوسف إلى يعقوب، وهو اليوم الذي أغرق الله فيه فرعون وجنوده ونجى موسى وبني إسرائيل، وفيه غفر الله لنبيه داود، وفيه وهب سليمان ملكه، وفيه أخرج نبي الله يونس من بطن الحوت، وفيه رفع الله عن أيوب البلاء.

فمن منا اذن لم يحتفل بعاشوراء ؟؟؟؟

 

 

 

شاهد أيضاً

الاحتلال يُفجر أحد مباني مستشفى الشفاء في غزة

قالت وزارة الصحة الفلسطينية، الخميس، إنّ الجيش الإسرائيلي، فجّر مبنى من 7 طوابق يضم عدداً …

error: محتوى محمي